يسرى محنوش تحدثت عن بداياتها مع عائشة
18 ماي 2017ORIFLAME تحتفل بشمعتهــا الخمسيــن
18 ماي 2017بخطى سريعة ومنذ سنوات قليلة تعرف المدينة العتيقة بصفاقس تقدما مذهلا نحو فقدها لمقومات ملامح وجهها الثقافي من خلال تدخل للأيادي غير العارفة وغير الخبيرة في تعديل غير مدروس لصبغة المدينة وترجيح الكفة التجارية والصناعية والسكنية على حساب روح المدينة التاريخية وبالتالي فإن المدينة العتيقة بصفاقس تتجه اليوم نحو التحول إلى خليط عشوائي من الألوان ومن البناءات ومن الاختصاصات التجارية وسط انسحاب كلي من الأطراف الرسمية بغياب استراتيجيات واضحة سواء لتعديل السوء الموجود أو للحفاظ على ما تبقى من خصائص تاريخية داخل المدينة .
بالتوازي مع الفراغ الذي تركه تراجع الدولة بممارستها سياسة رفع اليد عن المدينة العتيقة بصفاقس يبدو أن بعض المحاولات الخاصة والفردية قد انطلقت بعد في التوجه إلى السطح لملأ هذا الفراغ وذلك “باستصلاح” بعض العقارات وتطويعها لتقديم الثقافي في أشكال مختلفة تدور كلها في فلك خصوصية المدينة العتيقة كمركز ثقافي تاريخي شكل إلى وقت قريب مسرحا لحركية حضارية وثقافية دؤوبة .
تجربة فضاء البلكون : درس للدولة و عبرة للأفراد
داخل المدينة العتيقة بصفاقس أكثر من 240 عقارا تعود ملكيتها للدولة وهي موضوعة افتراضا تحت تصرف بلدية صفاقس من خلال جمعية صيانة المدينة غير أن الكثير من هذه العقارات هي اليوم خارج نطاق تصرف البلدية بعد سيطرة البعض عليها لأغراض تجارية وسكنية كما أن الكثير من هذه العقارات هي اليوم في وضعية إهمال هذا علاوة على أن الكثير من العقارات الأخرى والتي هي على ملك أفراد تعاني هي الأخرى من إشكال الإهمال والترك في تدعيم سلبي للسمعة السيئة التي أصبحت تعرف بها المدينة العتيقة.
تتميز الكثير من المباني داخل المدينة العتيقة بوجود شرفات تطل مباشرة على الطريق الرئيسية و لعل هذا ما دفع ببعض الشباب و النشطاء الثقافين إلى ” الحلم ” بتحويل واحدة من هذه الشرفات إلى فضاء ثقافي تفاعلي يقع من خلاله تقديم عروض فنية مباشرة مثل عروض موسيقية أو عروض مسرحية مصغرة أو حتى غير مباشرة كعرض أشرطة سينمائية أو وثائقية.
في البداية كان تحويل شرفة إحدى البنايات داخل المدينة العتيقة بصفاقس إلى فضاء ” البلكون ” أمرا أشبه بالنشاز داخل موسيقى مضبوطة النوتات حيث كان من الغريب وبشكل مفهوم على المدينة المتعودة اضطرارا على أصوات الباعة وعلى أصوات عربات حمل السلع دون سواها أن تغير فجأة عادتها وأن تقبل بهذا العضو المزروع داخلها حديثا غير أن حفلات ” ياسر جرادي ” وعروض الحكواتيين وعروض الفنانين الشباب في صفاقس نجحت إلى حد بعيد في الدفع نحو تغيير هذا الرفض الفطري إلى ترقب لكل عرض قادم في فضاء ” البلكون “.
لعل هذه المبادرة الفريدة من نوعها في تونس تفتح المجال والعيون على فرضيات التغيير الممكنة دون الحاجة إلى الانتظار على باب المؤسسات الرسمية بل هي بذلك تمارس ” التوريط الإيجابي ” لهذه المؤسسات حتى تتفاعل معها على قاعدة نجاح تم تحقيقه وليس على قاعدة حلم قابل للتحقيق بنفس القدر الذي قد يفشل به كما أن مثل هذه المبادرات هي دفع ضمني للأفراد والجمعيات حتى يمارسوا حقهم وواجبهم في التموقع الطبيعي أمام المؤسسات الرسمية لا خلفها باعتبارهم قوى اقتراح وتخطيط وتنفيذ.
الصفحة الرسمية لفضاء ” البلكون ” على الفايس بوك